السيطرة على العقول بشكل مباشر أو غير مباشر هو نوع من أنواع الاحتلال ، فالاحتلال لم ولن يكون بصورته التي إعتدنا عليها وهو احتلال دول لبعضها البعض أو اغتصاب أرض ومن ثم يتم نسبها لقوة غاشمة تسيطر عليها وتنصب نفسها دولة وهي أبدا ما كانت ولن تكون دولة حقيقة بل ستظل دائما الدولة المحتلة التي لم يكن لها وجود أتت من العدم مستغلة النفوذ والظروف التي أتت في صالحها لتنشئ دولتها المزعومة ، هذا النوع من الاحتلال عرفناه وكان الكثيرون يظنون بأن هذا النوع فقط ما يسمى بالاحتلال ولكن ما اتضح في الأونة الأخيرة من هذا العام وبات يعرفه سكان العالم اجمع أن هذا النوع من الاحتلال هو وجه من وجوه الاحتلال الأقل خطورة حيث إذا قارنا بين احتلال الأرض واحتلال العقل سنجد أن احتلال العقل أخطر بكثير لأنه يحدث بشكل غير مباشر وبدون إدراك لصاحب العقل فنحن نتعرض للسيطرة على عقولنا بدون إدراك منا لذلك وأنواع تلك السيطرة متنوعة ومتعددة ومنها الواضح أو سهل الوضوح يمكننا اكتشافه بشكل أسرع ومنه مالا يمكننا معرفته سوى متأخر بعد أن نكون قد اعتدنا عليه وأصبح جزء متأصل من حياتنا وعاداتنا اليومية لدرجة أنه عند إدراك حقيقة الأمر وأننا كنا في غفلة عن الحقيقة نجد أنفسنا نستصعب تلك الحقيقة ونجد صعوبة في ترك أو التخلي عن مسببات تلك السيطرة بل ويذهب البعض لعدم التصديق مع إن الحقيقة واضحة وضوح الشمس ومع ذلك يستنكر فضح تلك الحقيقة ويبدأ بالدفاع عن تلك المسببات بل ويختلق لنفسه أعذار ومبررات لا قيمة لها فقط لأنه لا يستطيع مجاهدة نفسه لترك تلك المسببات التي تسيطر عليه وتجعله شخص محتل عقليا وفكريا واقع تحت وطأة المحتل الغاصب بسبب أمور مادية ليست من أساسيات العيش ولا هي من أولوياته ، لا يمكنه فك قيود عقله التي مفتاحها في يده فكيف له أن يجابه العدو في ساحة القتال والانتصار عليه وتحرير أرضه ! كيف سيقف أمام العدو بثبات وقوة الحق لنصرة أرضه ونصرة إخوانه الذين يعيشون معه في هذا العالم لهم نفس الحقوق والأحلام والأمال ولكن الفرق أنهم كان ابتلائهم في أن تسلب منهم أرضهم وتحتل وهذا ليس تقصيرا منهم أو ضعف بل هم قاوموا بكل السبل المتاحة لهم ومازالوا يقاومون على مدار 75 عاما ولكن عدوهم ميزته الوحيدة ليست فيه بل في عصبة عصابات الأمم المتحدة كما أسميها التي تدعمه وتقف خلفه وتمهد له كل السبل من أجل نجاح احتلاله لإخواننا وأرضنا فهم عصبة في الإجرام والاحتلال أما نحن كعرب فرقتنا ملذات الحياة ورغد العيش الوهمي الذي بات يتحكم بنا حتى بعد معرفتنا للحقيقة مازال هناك من يفضل تكذيب الأمر أو العيش كما كان متجاهلا كل الحقائق من أجل رغد الحياة الزائف فأصبح التعلق بالماركات والعلامات التجارية الأجنبية أهم من قتل إخوتنا بأبشع الطرق وتشريدهم من أرضهم ، ما فعله الغرب بأنهم أغرقوا عالمنا وأسواقنا بمنتجاتهم واختراعاتهم حتى أفكارهم نجحوا في نقلها لنا وجعلنا نصدقها ونتخذهم قدوة لنا هذا الأمر الذي طال كثيرا على مدار أعوام وأعوام ونجحوا فيه بشكل مثالي فكل شئ منذ طفولتنا سواء الألعاب البرامج الكرتونية الغذاء الأطعمة التي كنا نتناولها ولنا معها ذكريات ، والمطاعم التي كنا نحيا فيها حفلات أعياد الميلاد ولنا فيها صور تذكارية وغيرها الكثير من الصناعات المختلفة والمتنوعة التي تشكل جزء كبير من حياتنا كنا نفضلها ونثق فيها وهي في حقيقة الأمر كلها أمور مادية زرعت في حياتنا لتتوغل فيها وتندس كجاسوس يعيش بيننا ولم نستطع الكشف عن هويته الحقيقية ، ولكن بعد ما حدث في غزة من إبادة وتشريد لأهلها على يد الاحتلال الإرهابي الذي هو أصل ومخترع الإرهاب في العالم حدثت صحوة ليست في عالمنا العربي فقط بل في شعوب العالم اجمع الكل عرف بحقيقة ذلك المحتل وعلمنا كيف تتم السيطرة على عقولنا فنحن ندفع ثمن متع الحياة المؤقتة سواء في الطعام والشراب واللباس ثمنا غاليا ، بأموالنا نساهم في احتلالنا وبأموالنا نساعدهم في تدميرنا ، الأن باتت الأمور واضحة حتى لمن لا يمكنه أن يرى أو يسمع بات واضحا للجميع كيف تقف كبرى شركات تجارة وصناعة الأسلحة التي تفتك بنا وبإخواننا خلف الشركات التي عشنا على حبها والثقة فيما تقدمه من منتجات بل هناك من الشركات والمؤسسات التي دعمت الكيان الإرهابي المحتل بشكل مباشر ومع كل ذلك وللأسف هناك من الناس مازالوا يدافعون عن تلك الشركات رافضين قطع كلة صلة لنا بهم من أجل التلذذ بشطيرة برجر أو كوب قهوة وغيرها الكثير فالقائمة طويلة فهل تلك اللذة تستحق ذلك الخذي عندما نرى دماء إخواننا تزهق ونحن نشاهد ولا يمكننا الحراك لنصرتهم !؟ هل تلك الملذات أهم من صلاح ضمائرنا أصبح العالم يعلم وشاهد على حقيقة الأمر فكيف نكون شاهدي زور أو نصم أذاننا وأعيننا عن الحقيقة ونستمر في العيش مع تلك الملذات التي كانت سبب في خراب حياة الألاف وكانت سبب في ضعفنا وقلة حيلتنا أمام مايحدث ، وللأسف الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لحكوماتنا فهم لا يستطيعوا أن يكونوا وحدة موحدة في وجه العدو الحقيقي لنا بل هم أعداء فيما بينهم تشغلهم السلطة والمال ، التحرر يجب أن يبدأ منا إن لم نستطع مجاهدة أنفسنا على صغائر الأمور والملذات كيف سنجاهد من أجل نصرة الحق الذي سنسأل عنه وسنحاسب عليه ، فلنبدأ بتحرير أنفسنا لأنه لن يكون لنا حجة أو مبرر أمام الله عز وجل فكلنا مسؤولون .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق